سم الله الرحمن الرحيمِ
(3)
تقييم
الفكر :-
قال تعالى ( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة و اعلموا أن الله شديد
العقاب ) 25 سورة الأنفال صدق الله العظيم
قال تعالى ( و إذا تتلى عليهم أياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا
إن هذا إلا أساطير الأولين * و إذ قالوا اللهم إن كان هذا هم الحق من عندك فأمطر علينا
حجارة من السماء أو إئتنا بعذاب أليم ) 32 سورة الأنفال صدق الله العظيم
كيفية
تقييم الفكر و المفكر ؟
إعتادت
وإستقرت البشرية على تقييم المفكر بناء على قدرته على صياغة فكره بأسلوب سلس و جيد
وترابط هذا الفكر و أحيانا لأسلوبه الشيق و الممتع للبعض ، و إنسياب هذه الأفكار و
تواصلها .
كذلك
بقدرة هذا المفكر على جذب أكبر عدد من االمعجبين بهذا الفكر بإتباعه ونشره أو على
الأقل الحرص على متابعة كل جديد في هذا الفكر ، كذلك في بلادنا وبلاد أخرى يكون
تقييم قيمة الكاتب أو المفكر بالإيجاب بناء على ما يحصل عليه من جوائز خاصة إذا
كانت جوائز دولية وهي أحد أسباب تقدير المفكر التى إستحدثت منذ فترة زمنية قريبة !
ولكن
التاريخ أثبت لنا أن هذه الطرق لتقييم وتقدير الفكر والمفكر غير صحيحه فكم من مفكر
كان أسلوبه شيق و جذاب وله أتباع كثر ولكنه قدم للإنسانية فكر فاسد أضل الناس و
كان سبب في شقاء الكثير من البشر .
نجد
على سبيل المثال نجيب محفوظ وهو رجل أديب إمتلك أدوات صياغة الأدب بحرفية شديدة
وحصل على جائزة نوبل عن روايته أولاد حارتنا ولكن ماهو الفكر الذي قدمه نجيب محفوظ
في روايته لقد إتهم رب العزة في روايته بالظلم والعياذ بالله فهل هذا الفكر يستحق
التقدير ؟
لا
نطالب أبدا بالحجر أو الوصاية على فكر أحد أوتكفيره أومصادرةالفكر المخالف لنا كما
فعلت أمريكا مع الفكر الشيوعي لكارل ماركس فحاربته بكل ما أوتيت من قوة وحرمته
كذلك وذلك تحقيقا لصالح الغرب الرأسمالي ولنشر فكرهم الرأسمالي للسيطرة على العالم
و كذلك محاربتهم للفكر الفاشي لموسوليني و الفكر النازي لهتلر ، ولكننا نطالب
بالنقد البناء ومقارعة الحجة بالحجة و آلا ننخدع بحصول المفكر على جائزة دولية أو
كثرة أتباع .
لذلك
علينا أن نسأل هل ما قدم لنا هذا المفكر أو كاتب المقال أو الكتاب هل هو فكر منحرف
أم مستقيم ؟ هل هو فكر بناء أم هدام ؟ هل يستحق هذا الفكر التقدير أم لا ؟ ماذا
نستطيع أن نأخذ من هذا الفكر وماذا نستطيع أن نترك منه خاصة و انه لا يوجد فكر
بشري كامل ولابد أن به عوامل نقصان وهذا لا يقلل من الفكر الجيد ولكنها طبيعة
بشرية .
تعودت
منذ سنوات بعيدة و أنا أقرأ كتاب أو مقال أن أقرأه بعين الناقد المدقق الفاحص
المنتبه ولا أخذ هذا الفكر على علاته وأن أقوم بفرز وتنقيح ما أقرأ و أراعي في
تلقي هذا الفكر وتقييمه الأتي :-
-
توجهات الكاتب السياسية والفكرية والدينية .
-
أخلاقيات هذا الكاتب ومبادئه من عدمها ومدى تلونه إذا كان متلون .
-
درجة ذكاء المفكر و مدي قوة شخصيته أو ضعفها ومدي ثبات هذا المفكر على الحق
من عدمه بما يسمح بالتأثير على كتابته من عوامل خارجية .
-
الدوافع التى حفزت هذا المفكر على طرح فكره .
-
هل ما يطرحه المفكر هو أفك أم حقائق .
-
هل أفكار المفكر أو الكاتب نافعة أم مضللة .
-
أن أتقبل كل ما جاء به هذا المفكر من حق حتي لو خالف فكري وترك كل ماهو
فاسد من فكره .
-
لا أتأثر كثيرا فى تقييمي لهذا الفكر بشهرة هذا المفكر أو الكاتب .
-
مدى قرب أو بعد هذا الكاتب عن الحاكم و أمور الحكم خاصة في مصدر رزقه .
-
هل هذا الكاتب يعتذر إذا ما أخطأ ويتقبل العقاب بصدر رحب ؟ويراجع ويحاسب
نفسه أم يصر على مواقفه الخطأ إذا ثيت خطأه .
-
حجة الكاتب القوية في فكره هي أكبر دافع لتلقي هذا الفكر.
-
مدى ما يتمتع به المفكر من علم وعقل .
إذن
يجب على القارئ أن يكون لديه بصيرة وعين ثاقبة وفطنة وكياسة للتدقيق فيما يتلقى من
أفكار ومحاولات تشكيل فكره من قبل الآخرين و عملية غسيل المخ التي برع فيها الكثير
من الأفاقين في عصرنا هذا .
قرأت
سؤال لأحد الشباب على شبكة الانترنت يسأل أيهما تختار الدين أم العلم إذا ما خالف
العلم الدين ؟ ثم أضاف ذلك الشاب أن العلم يتقدم بصفة مستمرة ولكن الدين ثابت !
ولكي
أرد على هذا الشاب فيجب أن يعلم أن العلم ليس فقط يتقدم ولكنه أيضا يتغير حيث كان
في الماضي مسلمات علمية ثم إستبدلت اليوم بمسلمات جديدة بسبب تقدم وتجدد العلم
وهذا يعني بكل بساطة أن العلم الذي خلقه الله لم يستطيع الإنسان أن يكتشف منه إلا
القليل و هذا يعني أن علم الإنسان غير مكتمل ما دام هناك المزيد من الإكتشافات
يوما بعد يوما .
ولكن
الدين ورغم ثبوته و إكتماله إلا أن فهمنا لهذا الدين متغير متطور مع تقدم الفكر
وتجدد العلم وعلى سبيل المثال فإن المسلم قديما لم يكن يعرف بالتحديد معني الأية
التى تذكر البحر المسجور ولكن مع تقدم العلم عرفنا أن في قاع المحيطات نيران
مشتعلة ، كذلك آية والأرض بعد ذلك دحها علمنا أن شكل الكرة الأرضية بيضاوي وهذا
معنى دحها وغيرها من الآيات الذي اتى العلم بما يثبت هذا الإعجاز العلمي للقرآن
وقديما لم يكن يعلم المسلم سوي الإعجاز اللغوي للقرآن .
وبما
ان العلم لم يكتمل فإذا ظهر منه ما يخالف الدين فلن ننكره ولن نقبله حتي يثبت
العكس إلا إذا كان هذا العلم يخالف وجود الله ووحدانيته فهذا ما نرفضه تماما أما
ما عدا ذلك فربما يكون فهمنا نحن هو الخاطئ لبعض الأمور فنراجع فكرنا أو أن العلم
لم يكتشف المزيد بعد .
والسلام على من إتبع الهدى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق