الثلاثاء، 18 يونيو 2013

الشفاعة

بسم الله الرحمن الرحيم

                                               (16)
الشفاعة :-

ردا عما أثير في موضوع الشفاعة
أولا :- مقياس الحساب في الإسلام

الثابت لدينا من القرآن الكريم و السنة النبوية أن مقياس محاسبة الإنسان المؤمن بالله في الآخرة هو الفارق بين الحسنات و السيئات حيث يوضع كلا من السيئات و الحسنات في كفتي ميزان فإذا رجحت كفة الحسنات دخل الإنسان الجنة و إذا و العياذ بالله رجحت كفة السيئات دخل الإنسان النار و يبقى المؤمن في النار حتى يستوفي الفارق بين الحسنات و السيئات ثم يدخل الجنة بعد ذلك مع مراعاة أن كل توبة عن السيئات في الدنيا تبدل السيئات لحسنات .

ولكن ورد أيضا في الكتاب و السنة أن الله سبحانه و تعالى قد يغفر لشخص كل أعماله كانت من السيئات مقابل عمل واحد صالح ثقل كل سيئاته ، و العكس بالعكس فقد يدخل شخص النار و كل أعماله صالحه مقابل كلمة سوء تكبه في النار سبعين ذراعا و تثقل كل أعماله الصالحه ،و لكن من يضمن لنفسه هذا العمل الواحد الذي يدخله الجنة ؟ لا أحد لأنه لا أحد يستطيع إدراك علم الله وظن أنه يستطيع أن يتكل على عمل واحد فقط إلا إذا كان عمل يختم به حياته فيطمع في كرم الله .

أيضا ورد أنه قد يقضي إنسان كل حياته في الصلاح و لكنه يختم حياته بفعل المنكر فهو في النار ، أو يقضي شخص كل حياته في الضلال ثم يختم حياته بعمل صالح فهو في الجنة وفي كلا المثالين السابقين يجب عدم التعمد فيهما منذ البداية لأنه لا يوجد شخص يعلم متى يحين أجله  كأن يقول شخص سأقضي حياتي في الفساد و ساتوب في الكبر فهذا لا يجوز و لا تنطبق عليه هذه الحالة و ذلك كما ورد في حديث نبوي أنه يأتي زمانا على الناس يصبح الشخص مؤمنا و يمسي كافر أو يمسي مؤمنا و يصبح كافر .

أيضا ورد أن الله يغفر الذنوب جميعا إلا الشرك به و لكن لم يفسر هذا النص هل هو لمن تاب عن المعاصي و أظن هذا التفسير هو الأرجح أم لشخص لم يتوب ولا أرجح هذا التفسير والله أعلم و نعلم أن من شروط التوبة عدم تكرار الذنب أو العودة إليه والندم و عدم الإصرار على المعصية و رد المظالم لأهلها أو توقيع القصاص منه في الدنيا لصاحب الحق .

ثانيا:- الشرح السابق كان في أمر الحساب أما الشفاعة فهي كالأتي :-

فكل الأحاديث التى وردت في و عن الشفاعة تثبت أن من يشفع له يدخل النار أولا ثم يمكث فيها فترة ثم يشفع له فيخرج منها و هذا معناه أن سيئاته غلبت حسناته في كفة الميزان ، إذن من يتشفع له يدخل النار أولا ثم يخرج منها برحمة رب العالمين أو بالشفاعة ، والدليل على ذلك حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم يرد عليه أناس من أمته من الصحابة فيضرب بباب بينه و بينهم و لما ينادي أصحابي أصحابي يقال له أنت لا تدري ما أحدثوا بعدك ، و هذا ليس حديث للطعن في الصحابة أو ليستغله بعض الجهلاء للإساءة لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم رضوان الله عليهم فلا يدري أحد من هم من قصدوا في الحديث حيث هناك من الصحابة غير المشهورين أو المعروفين و لا نستطيع أن نحدد من هؤلاء و إنما ذكرت الحديث ليدرك القارئ أنه رغم مكانة الصحابة فإن ذلك لن يعفي من أساء منهم يوم الحساب إذا صح الحديث .

كما ورد لنا في الكتاب و السنة عن فئة المنافقين و هم أشخاص يدعوا الإسلام و لا يعملوا به أو لا يوافق باطنهم ظاهرهم أو يحاربوا الإسلام و هم ينتموا له إسما فقط و هؤلاء أشد أهل النار عذابا أكثر من الكفار أنفسهم و قد ذكر لنا القرآن الكريم أشكال متعددة للنفاق لا وقت لحصرها و لكنها عديدة و أظن أن عصرنا هذا أكثر العصور إنتشارا لأهل النفاق و الله أعلم .

أما بالنسبة للكفار فقد ورد لنا في الكتاب و السنة أنهم مخلدون في النار و أنهم يستوفون حسناتهم في الدنيا بمعنى أنه إذا عمل أحدهم عملا صالحا في الدنيا يؤجروا عليه في الدنيا في أشياء مثل الجاه أو الصحة أو المال .....إلخ و لكن ليس معنى ذلك أن كل صاحب مال أو جاه أو صحة كافر و لكننا هنا نفصل حساب الكفار كما ورد ، حتى أنه ورد في القرآن أن الله كاد أن يضع على بيت الكافر قنديل معلق في السماء ليضيئ به بيت الكافر لولا خشيته أن يفتن عبده المؤمن ، وهذا التفصيل السابق قد ينطبق أيضا على المنافق ، كذلك ورد في بعض الأحاديث أنه قد يخفف عن بعض الكفار عذاب النار عن غيرهم بأعمالهم الصالحة و ذلك مثل عم رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا طالب .

أما بالنسبة للإبتلاء فالجميع يبتلى المؤمن و الكافر و لكن أكثر الناس إبتلاءا أكثرهم إيمانا لأن ذلك يرفعه درجات في الجنة إذا ما إحتسب و صبر .

في النهاية أحب أن أوضح أن الدكتور مصطفى محمود رحمه الله لم ينكر الشفاعة و لكنه أنكر ما يدعيه البعض من كيفية الشفاعة بناءا على حديث نبوي شريف أن من قال لا إله إلا الله دخل الجنة و لكن من فسروا هذا الحديث لم يفقهوا معناه فمعنى الحديث أنه غير مخلد في النار آي أنه قد يدخل النار أولا إذا كثرت سيئاته و لكنه لا يخلد فيها ثم يدخل بعد ذلك الجنة عكس الكافر الذي يخلد في النار أبدا هذا ما قصده الدكتور مصطفى محمود كما أن قوله عن الخلود في النار للمسلم فأظن أنه قد قصد به المنافقين لما رأى من أعمالهم و هم بالفعل أكثر أهل النار عذابا رغم قولهم لا إله إلا الله بألسنتهم و لكن بقت قلوبهم على الكفر و العياذ بالله .

كذلك نوضح أن الكافر إذا آمن و تاب تبدل كل سيئاته لحسنات ويرجع كيوم ولدته أمه خالي من الذنوب .

اللهم طهر قلوبنا و قلوب أهلينا و قلوب عبادك الصالحين الذين سلموا الناس من أيديهم و ألسنتهم و آذاهم وحسبنا الله و نعم الوكيل و الله تعالى أعلى و أعلم .

*
حديث قدسي

عن جابر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إذا ميز أهل الجنة وأهل النار فدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار؛ قامت الرسل فشفعوا، فيقول الله عز وجل: انطلقوا -أو اذهبوا- فمن عرفتم فأخرجوه، فيخرجونهم قد امْتحشوا فيلقونهم في نهر أو على نهر يقال له الحياة. قال: فتسقط محاشهم على حافة النهر، ويخرجون بيضا مثل الثعارير ثم يشفعون، فيقول: اذهبوا -أو انطلقوا- فمن وجدتم في قلبه مثقال قيراط من إيمان؛ فأخرجوهم. قال: فيخرجون بشرا ثم يشفعون، فيقول: اذهبوا -أو انطلقوا- فمن وجدتم في قلبه مثقال حبة من خردلة من إيمان؛ فأخرجوه، ثم يقول الله -عز وجل-: أنا الآن أخرج بعلمي ورحمتي. قال: فيخرج أضعاف ما أخرجوا وأضعافه، فيكتب في رقابهم عتقاء الله –عز وجل- ثم يدخلون الجنة فيسمون فيها الجهنميين .
Top of Form



والسلام على من إتبع الهدى
Top of Form



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق