الثلاثاء، 18 يونيو 2013

شرح للفكر السلفي

بسم الله الرحمن الرحيم
                                             (8)
شرح للفكر السلفي :-
قرأت موضوع في مجلة الديمقراطية التابعة لمؤسسة الأهرام بعنوان سلفية فأصولية فعلمانية وللأسف الموضوع به الكثير من المغالطات و الأخطاء وكنت أتمنى ذكر إسم كاتب المقال ،بالإضافة لأخطاء مطبعية في التواريخ .
ومن المعيب أن يكون مقال مكتوب بهذا الشكل على انه مرجعية وبه هذا الكم من المغالطات التي تضلل القارئ.
أولا :- عرف الكاتب السلفية بأنها العودة لمنهج الصحابة و التابعين وهذا صحيح نظريا ولكنه عاد وخالف ما قاله بأن هذا العصر إنتهي بتولي معاوية بن أبي سفيان رحمه الله للخلافة ،وهذا غير صحيح لأن السلفية لهم منهج نظري ومنهج عملي أما النظري فهو إتباع الصحابة والتابعين في سنتهم كأشخاص وليسوا كنظم حكم وبما أنه في عصر معاوية لم يكن كل الصحابة قد توفوا بعد إذن فإتباعهم للصحابة كان لما بعد عصر معاوية بمراحل وكذلك التابعين .
أما منهج السلفية العملي فهو إتباعهم لمنهج الإمام أحمد بن حنبل في أكثر أمورهم بل إنهم عمليا يخالفون الكثير مما تعارف عليه الصحابة .
كما أن السلفية لا يتبعون عصر الخلفاء الراشدين أبدا في نظم الحكم بل هم أقرب لما إتبعه معاوية بن أبي سفيان رحمه الله وأغلبهم يعتقدون أن الحكم الملكي الأموي والعثماني خلافة إسلامية وهذا مخالف لمنهج وفكر الصحابة،كما أنهم يرفضون الإجتهاد وهذا مخالف لمنهج الصحابة بل ومخالف لمنهج الأئمة الأربعة.
كما أن السلفية لا يؤمنون بالخروج على الحاكم وهو ما يخالف فكر الحسين رضي الله عنه سيد شهداء أهل الجنة وفكر عبد الله بن الزبير رضي الله عنه والذي بشره الرسول بالشهادة في حديث نبوي وهو طفل صغير ، وهو الفكر الذي غيره السلفية حديثا .
وقد خالف السلفيون الكثير مما عرف عن عصر الرسول والخلفاء الراشدين والصحابة في الأتي:-
-هم يحرموا الإختلاط وقد كان الإختلاط من سنن رسول الله وصحابته من بعده .
-حرموا عمل المرأة في حين أن السيدة عائشة كانت إمرأة فقيهة و السيدة أسماء ذات النطاقين كانت تعمل في جمع الحطب لمساعدة زوجها وكانت هناك المرأة التاجرة كالسيدة خديجة و عين سيدنا عمربن الخطاب رضي الله عنه وزيرة للحسبة على رأس السوق تأمر وتنهي على الرجال والنساء .
- هم يقولوا بفرضية النقاب في حين أنه ثابت في السيرة أن حفيدة رسول الله كانت تكشف وجهها و إذا كان النقاب فرض لكانت هي أول من ترتديه ولكنها لم تفعل كما ورد في السيرة بعد مقتل سيدنا الحسين رضي الله عنه وذهاب آل بيته لمنزل يزيد بن معاوية .  
- هم يقولوا عن الحكم الملكي خلافة وهذا مخالف للحديث النبوي الشريف الذي حدد الخلافة بأنها الخلافة الراشدة ومن بعدها ملكا عضود .
- مرجعيتهم  الفقهاء الأربعة و إبن تيمية و إبن حنبل وغيرهم في حين مرجعية الصحابة الكتاب و السنة النبوية فقط .
- بعضهم لا يقبل بحرية العقيدة ومخالطة أهل الكتاب في حين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عامل أهل الكتاب و أكل معهم و كذلك قال للكفار لكم دينكم ولي ديني و كان المنافقون في المدينة وعرفهم رسول الله ومع ذلك تعايش معهم وقد أتي القرآن بأته لا إكراه في الدين ولكم دينكم ولي ديني .
- السلفية يحرموا الزينة على النساء في حين أن النساء في عصر النبوة كنا يتزيين بالكحل والحناء وكانت النساء تتزين للزواج ويدخل عليهن الرجال الغرباء عنهن ولا ينكر عليهن ذلك .
- حرم السلفية على المرأة إرتداء غير اللون الأسود في حين أن النساء في زمن النبوة كنا يرتدين الثياب الملونة ومنهن السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها التى ثبت أنه كان لديها عبائة صفراء اللون وما زالت موجودة حتى الأن في أحد المتاحف مع مقتنيات رسول الله صلى الله عليه وسلم .
- هم لا يؤمنون بتداول السلطة رغم أن هذا التداول كان موجود في عصر النبوة وعصر االخلفاء الراشدين حيث كان يتم تداول السلطة على قيادة الجيش وولاية الأمصار .

وغير ذلك كثير مما تشدد فيه السلفيون من الأمور التي لم تعرف في عصر النبوة أو عصر الخلفاء الراشدين ولا مجال للحصر الأن .
أما بالنسبة للأصولية التى ذكرت في المقال فهو مصطلح غربي ومعناه التمسك والعودة لأصل آي فكر سواء ديني أو سياسي ،وقد وصف كاتب المقال المعتزلة بفكرهم الأصولي وهذا غير صحيح لأن فكر المعتزلة هو فكر منحرف  عن الإسلام ومتأثر بدرجة كبيرة بالفكر الفلسفي الغربي والذي ترجم في العصر العباسي وظهرت بناء عليه هذه الفرق الشاذة عن الفكر الإسلامي الصحيح حتى واجههم الإمام الغزالي رحمه الله و دحض حججهم ولا يجب أبدا وصف فكرهم بالأصولي لأنه ليس به آي أصولية.
أما بالنسبة لما ذكرته عن فكر بن رشد بأن للنص القرآني تأويل ظاهر وباطن فهو أيضا فكر منحرف لأنه ببساطة لم يفسر رسول الله القرآن على هذا النحو وهو كان الأقدر على التفسير الصحيح للنص القرآني كما أن هذا الرأي يخالف الفطرة السليمة و الفهم الصحيح ومع ذلك فلا يستطيع أحد أن ينكر إعمال العقل في القرآن ولكن ليس في كل نصوص القرآن الكريم بالطبع فهناك نصوص قطعية في النص والدلالة و ثبت ذلك بسنة رسول الله فيها سواء القولية أو الفعلية التي لم يختص الرسول فيها عن باقي المسلمين ، ولكن هنالك نصوص أخرى كثيرة يجوز إعمال العقل فيها مثل ما ورد عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه من تفسير أيات تخص تقسيم الغنائم ولا تحضرني الآيات الأن ولكنه أعمل العقل فيها .
كذلك هنالك قصة الرجل الذي حلف على زوجته أن تكون محرمه عليه الدهر فسأل ثلاثة من كبار الصحابة وهم أبوبكر وعمر وعلي رضوان الله عليهم أجمعين وكلا منهم إجتهد و أتى بنص قرآني يؤيد إجتهاده، فذهب هذا الرجل للرسول يسأله فقال له إذا أخذت بأي رأي من الثلاثة فقد أصبت ولم ينكر رسول الله إعمال العقل ولا الإجتهاد في النصوص القرآنية ما دامت لا يوجد قطعية بثبوت التفسير .
أما بالنسبة لمصادر الفقه التي إستحدثها الفقهاء الاربعة بصفة خاصة فلا أوافق على أغلبها لأن هناك حديث عن رسول الله عن أحد الصحابة وهو خارج لغزوة فسأله الرسول ماذا تفعل إذا إستعصي عليك أمر فقال أخذ من القرآن الكريم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن لم تجد قال فبسنة رسوله فسأله فإن لم تجد فضرب على صدره وقال أجتهد برأيي و هذا هو تحديد الرسول صلى الله عليه وسلم لأصول الفقه ،أماالإجماع فلا ضامن لصحته حيث مرت عصور بطش الحكام و قد يجمع بعض الفقهاء على أمر يوافق هوى الحاكم طلبا لمال أو سلطة أو خوفا من البطش وهناك نماذج كثيرة على هذا ،وأما القياس فهو المصدر الوحيد الذي قد يكون مقبولا .
أما القول بأن آي فكر ديني لابد أن يمر بمراحل ثلاث وهي السلفية و الأصولية والعلمانية فهذا كلام غريب و كاذب والدليل على ذلك أن الأمة الإسلامية ليست كلها على نفس التوجه الفكري فهناك المعتدل وهناك السلفي وهو نفسه الأصولي وفق مفهوم الكاتب وهناك من ضل إلى العلمانية إذن لا يوجد ترتيب ولا تعقيب ولا سببية فلا يمكن أن نقول عن الفكر العلماني الذي يرفض الدين ويقول بإعمال العقل في شتى نواحي الحياة و إنكار الدين و عزله عن الحياة رغم عدم تعارض العقل مع الدين  فنقول أن العلمانية  ترتبت علي فكر ديني حتي لو كان هذا الفكر الديني متشدد ولا يتبع ما عرف عن عصر النبوة والصحابة من إعتدال.
كما لا يمكن إختصار الإسلام في الفكر السلفي و الأصولي وهذا غير صحيح بالمرة فأصل الإسلام هو الفكر المعتدل القائم على القرآن والسنة النبوية المشرفة القولية منها والفعلية وليس فكر فقهاء تشددوا في الدين .
لدي الكثير والكثير لأرد به على الكثير من المزاعم في مقالتك ولكن للأسف لا مجال الأن ويكفي ما سبق .

والسلام على من إتبع الهدى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق