بسم الله الرحمن الرحيم
(15)
( نقد لكتاب الأمير لميكافيللي )
منذ زمن قرأت عن كتاب الأمير هذا كثيرا و كيف أنه يمثل
الخريطة التي يتبعها الحكام في تسييس الرعية وأنه لا يكاد يوجد حاكم إلا وقرأ كتاب
الأمير و نفذ نصائح ميكافيللي المدمرة و التي حواها الكتاب ، ومعروف عن كتاب
الأمير أنه كان نموذج للطغاة ونبراس لهم ، ومنذ تم تأليف كتاب الأمير في القرن
السادس عشر وهو قد زاد في إفساد الحكام بأفكاره الهدامه وتنظيره للطغيان و بعد
إطلاعي أخيرا على كتاب الأمير وجدت أنه لكي تفهم سلوك الحكام بشكل جيد خاصة إذا
كانت فراستك ليست كبيرة فعليك الإطلاع على هذا الكتاب الخطير الذي كنت أفضل أن يتم
تسميته النذل الحقير بدلا من الأمير وذلك للوقع الجيد لجرس كلمة الأمير على السامع
.
أيضا وجدت بعد الإطلاع على هذا الكتاب أن كل الحكام في
كل النظم السياسية قد أخذوا بنصائح ميكافيللي المدمرة وصارت هي النموذج في عالم السياسة في عصرنا
الحالي و لم يكن هناك فرق بين شيوعي و رأسمالي ، يساري و ليبرالي ، مستبد و معتدل
، ديكتاتور و فاشي ، علماني و راديكالي ....الخ فالكل أخذ بنصائح ميكافيللي و
نموذج الأمير المدمر الذي وضعه و لكن فقط كان الإختلاف في التطبيق من نظام لآخر و
القدرة على تسمية الأشياء بغير أسمائها كان وسيلة بعض النظم للتحايل لتطبيق نصائح
ميكافيللي في كتابه الأمير .
وهناك نظرية قرأتها عن كتاب الأمير هذا ووجدتها أقرب
للحقيقة و هي بما أن ميكافيللي قد ألف كتابه هذا في المنفي و أهداه فيما بعد
للحاكم الذي نفاه ، فربما يكون الغرض من تأليفه هذا الكتاب هو أنه كان يريد أن
يوقع هذا الحاكم في شر أعماله و يلقي به إلي التهلكة و أظنه رأي وجيه للغاية .
سأبدأ في نقد الكتاب بعرض الخطوط العريضة لكتاب
ميكافيللي في نقاط ثم سأتبعها بالنقد لهذا الكتاب الذي يفسر مأساة الشعوب و تجبر
الحكام وذلك كما يلي :-
·
قال ميكافيللي أن الغاية تبرر الوسيلة .
وهنا نجد أن ميكافيللي كان أول من وضع خطوط
عريضة ممنهجة لفساد الحاكم ونحن نعلم أن الفساد موجود منذ بدأ الخليقة و لكن
ميكافيللي رسم معالم طريق الفساد ومساراته و تعرجاته و نظر لذلك تنظيرا وافيا لمن
يريد إتباع هذا الطريق ونجد كيف أن هذه القاعدة السياسية التى وضعها ميكافيللي هي
القاعدة السياسية الأولى في العالم بكل إختلاف نظمهم السياسية الظاهرية .
·
قال ميكافيللي أنه خيرا للحاكم أن يخشاه
الناس على أن يحبوه وبما أن الجمع بين حب الشعب و خشيته مستحيل لذلك فالأفضل
للحاكم أن يخشاه شعبه .
نجد هنا ميكافيللي ينظر لبطش الحاكم حتى لو
كان هذا البطش لمجرد إخافة أكبر قدر ممكن من شعبه ، وبالطبع هذا البطش لا يحتاج
لقوانين أو تشريعات أو إنصاف فكل ذلك بيد الحاكم و عليه أن يطوعه لإعمال بطشه وفقا
لما يوافق هواه و إرادته و رغبته في تحديد الأشخاص و الزمان و المكان والوسيلة
التي يبطش بها ونظن أن نموذج سجن أبو غريب و جوانتناموا هي نماذج لهذا البطش حتى
لو كانت في نظم تدعي الديمقراطية فما قلت سابقا إن الحاكم في كافة النظم لن يعدم
وسيلة لتنفيذ مآربه و نصائح ميكافيللي بشكلا ما و أمثال هذا البطش في كافة النظم
موجود وواقع .
·
قال ميكافيللي أنه لا علاقة للسياسة بالأخلاق
.
نجد هنا ميكافيللي يخرج الحاكم أو العامل
بالسياسة من إنسانيته و ذلك لأنه إذا وجدنا إنسان ليس لديه أخلاق فمعنى ذلك أنه
سيقتل و يزني ويسرق وينهب ويغدر ويفجر ..الخ دون رقابة من
من ضمير أو أخلاق أو مبادئ فما بالك لو كان
حاكم بيده كل هذه السلطة و القوة ومهما كان النظام السياسي الذي يتبعه فهو قادر
على إيجاد غطاء شرعي لأفعاله القذرة ، هكذا كان ميكافيللي هو معلم الطغاة على مدار
خمسمائة عام حتى الآن .
·
قال ميكافيللي أن الشعوب دائما غادره وتنسي
الجميل ولا يهمها إذا كان الحاكم طيب أو ظالم إلا بمقدار منفعتها منه وهي أسرع
غدرا بالحاكم الطيب من الحاكم الباطش الظالم .
أنظر هنا لهذا المنطق العجيب لميكافيللي الذي خلط بين
الطيبة و التي هي صفة جيدة و بين الضعف والخنوع فلم يستطيع أن يفرق بين الضعف و
الطيبة و إعتبرهما صفة و احدة لاتتجزأ ولم يدرك ميكافيللي أن كون الحاكم طيب لا
تمنع من أن يكون فطن ذكي يعلم متى يستعمل الطيبة و متى يستعمل الحزم هذا لم يرد
مطلقا على الفكر الميكافيللي ، كما أنه لم يتطرق مطلقا لفكرة العدل وكأنها غير
موجوده وإعتبر أن الشعوب غادره لا تقف مع الحاكم إلا في أوقات الرخاء وهذا منطق
جبان لأن الشعوب إذا استشعرت من الحاكم العدل فإنها ستكون بجانبه في السراء والضراء
أما إذا كان باطش ظالم فستتحين الفرصة للتخلص من ظلمه وفساده .
· قال ميكافيللي أن على الحاكم أن يغدق بالعطايا و الأموال على من حوله من
الأعوان و الجند لأن هؤلاء هم من سيحكموا سيطرته على الشعب و ليأمن غدرهم ما داموا
في ترف وغنى في ظل حكمه .
هذا المنطق الميكافيللي يفسر لنا إنتشار الفساد والنهب
والسرقة للعاملين في مجال السياسة وسنجد ذلك بشكل صريح في النظم الديكتاتورية في
حين أنه يتم بشكل آخر في النظم الديمقراطية فيكون في شكل صفقات و مرتبات خيالية و
ما إلى ذلك .
· قال ميكافيللي أن سماح الحاكم لأن يقول له بعض رعيته قولة الحق يسقط هيبته
وعليه آلا يستمع إلا لمن حوله من الأعوان الذين سيسمعونه ما يريد دون إسقاط هيبته
.
ونجد هنا أبلغ رد على ميكافيللي في الإسلام وهو أن خير
الجهاد هي قولة حق عند سلطانا جائر و سماع الحق من أفواه الناس لا يسقط هيبة
الحاكم كما أن الهيبة من الأفضل أن تكون ناتجة عن عدل الحاكم أما مشاعر الناس نحو
المتجبر أو الظالم فربما تكون مهابة وخوف في الظاهر لكنها داخليا غالبا ما تكون
مشاعر بغض و إحتقار بعكس الهيبة االناشئة عن العدل .
· قال ميكافيللي أن الحاكم المخادع سيجد دائما من يستجيب لخداعه .
يؤكد ميكافيللي هنا على أن الحاكم من المفضل له أن يكون
مخادع وأنه يجد من الأغبياء من يستجيب لخداعه و أظن أن أكبر رد على هذا هي المقولة
الشهير أنك تستطيع أن تخدع بعض الناس كل الوقت وتستطيع أن تخدع كل الناس بعض الوقت
و لكنك أبدا لن تستطيع أن تخدع كل الناس كل الوقت ، ومعنى ذلك أنه حتى لو وجد
الحاكم من يستجيب لخداعه فهم قلة و لابد أن ينكشف خداعه في النهاية وهؤلاء من
الناس الذين قد يكتشفوا خداعه فلن يغفروا له أنه قد إستغفلهم في يوما ما بالإضافة
إلى أنهم سيكونوا في حالة حذر من أن يخدعوا مرة أخرى ولابد أنه سيجد بين هؤلاء من
يواجه هذا الخداع .
· قال ميكافيللي أنه لمعرفة ذكاء الحاكم أنظر لمن جمعهم حوله .
أظن أن هذه هي النقطة الوحيدة الحسنة التي وفق لها
ميكافيللي في كتابه والنصيحة الوحيدة الجيدة وأوافق عليها مائة في المائة فحقا
الحاكم يعرف من هؤلاء مدى حكمته وذكائه وفطنته أو مدى غبائه وضعفه وسفهه .
· قال ميكافيللي أن الناس بسطاء ويرضخون بسهولة من أجل إحتياجاتهم الضرورية
اليومية لذلك لديهم الإستعداد لقبول خداع من يخدعهم .
هذه أيضا نقطة صحيحة بشكلا ما و لكن ليس كليا فليس كل
الناس بسطاء وليس كل الناس قد تقايض حرياتها مقابل إحتياجاتها اليومية ، ربما
ينطبق هذا القول على الأغلبية و لكن سنجد في كل الشعوب هناك قلة ترفض الظلم و
القمع و العبودية مقابل القليل من الإحتياجات اليومية فإذا فاض وعم الظلم سنجد أن
هؤلاء الأغلبية ستنضم لا محالة لتلك الأقلية .
· قال ميكافيللي من الضروري للحاكم أن يفترض أن جميع الناس الذين يحكمهم جبلوا
على الشر وأنهم إن تركت لهم الحرية فسوف يتصرفون بموجب طبيعتهم الشريرة .
نجد ميكافيللي يعطي مبرر قوي للحاكم أن رعيته كلهم أشرار
ولذلك فعقابا لهم على شرهم يجب إستعبادهم ! وبهذا يرضي وخز الضمير لدي الحاكم هذا
إذا كان لديه ضمير فهو سيقول لنفسه أن إستعباده لشعبه هو بمثابة العقاب لهم على
شرورهم التى لو تركوا لها سيصيبوا أنفسهم بالأذي و كذلك سيصيبوه هو نفسه وهذا منطق
عجيب ومتطرف يرضي الأهواء و المطامع .
· قال ميكافيللي أن على الحاكم أن يجمع بين صفات الأسد و الثعلب حيث أن الأسد
لا يستطيع أن يحمي نفسه من الفخاخ و الثعلب لا يستطيع أن يحمي نفسه من الذئب .
هذه توليفة وضعها ميكافيللي للحاكم ليحمي نفسه وقام بتبسيط
الفكرة بشكل جيد وموافقتي أو عدم موافقتي على هذه النقطة يتوقف على آي صفات الأسد
و آي صفات الثعلب أراد ميكافيللي أن يتحلى بها الحاكم ؟ سنجد مثلا أن الأسد يتحلى
بالقوة و لكنه أيضا يتحلى بالشراسة فإذا كان المقصود بصفات الأسد هي القوة فهذا
جيد أما إذا أضيفت إليها الشراسة فهذا غير جيد حيث في هذه الحالة سيعتبر الحاكم أن
كل من يعارضه ذئب ، أما بالنسبة للثعلب فإذا كان المقصود بصفات الثعلب هو الفطنة و
اليقظة والحيلة فهذه صفات جيدة للحاكم أما إذا كانت صفات الثعلب المراده هي
المراوغة والمكر والخديعة إذن فهي صفات الدناءة و الخسة
*في البداية أردت أن أوضح أن ممارسات البطش للحاكم على
شعبه عديدة و كثيرة ومعروفة خاصة في الدول الإستبدادية و لكن البطش بالمعارضين من
الشعوب الأخرى ذلك هو الوسيلة التي تنتهجها الدول الديمقراطية في عصرنا الحالي و
إن كنت على علم بنماذج تم البطش بها من شعوب هذه الدول نفسها والتي تدعي
الديمقراطية و ذلك في السنوات الأخيرة و لم يعد الأمر قاصرا على الشعوب الأخرى .
· قال ميكافيللي أن الحاكم الداهية لا يلتزم بعهد أو وعد تعهد به إن كان ضد
مصلحته الشخصية وذلك عندما يزول السبب الذي دعاه لقطع هذا العهد على نفسه .
يبدو من هذه الفكرة أن ميكافيللي يدعو الحاكم لأن يكون
خسيس غادر لا يفي بالوعد ، ونلاحظ أن الكثير من الحكام في زمننا هذا يستعملون هذه
الفكرة وهذه الخصلة من النفاق مع شعوبهم وتمديد أمال الشعوب أمد طويل دون وفاء من
الحاكم حتى يدب اليأس في نفوس الناس و تخمد ثورتهم و يقل عزمهم ، و حكام آخرون
يستعملوها مع الشعوب الأخري وسنجد هنا إسرائيل كمثال كم عقدت من معاهدات و
إتفاقيات مع العرب أو فلسطين و كذلك العديد من الدول غدرت بعهودها سواء في عصور
سابقة أو في عصرنا الحالي كم نقدت من عهود و إتفاقات .
· قال ميكافيللي أن سيدنا موسي عليه السلام و قورش و...كانوا قادة عظام و
إدعي كذبا أن الأنبياء و الرسل إستعملوا
القوة في نشر دعوتهم الدينية لمن لم يستجيب باللين .
العجيب في هذه النقطة أن ميكافيللي إستشهد بالأنبياء و
بصفة خاصة سيدنا موسي عليه السلام كقائد عظيم رغم أن سيدنا موسي كان نقيض لكل هذه
الصفات السابقة و التالية و التى نصح الحاكم القوي أن يتصف بها ، فسيدنا موسي كان
كغيره من الأنبياء لا يبطش إلا بالظالم ويفي بالعهود و يسمع النقد و النصح بل إن
قوم سيدنا موسي آذوه بما لم يكن فيه ثم برأه الله مما قالوا ، كما أن قصة سيدنا
موسي معروفة فهو لم ينشر دعوته بالسيف أبدا كما إدعي ميكافيللي بل بالحكمة و
الموعظة حتى مع فرعون و إنما كان السيف للدفاع عن نفسه و قومه ضد من عادوه وذلك
كغيره أيضا من الأنبياء الذين كان لديهم سلاح الكلمة و الحق و الحكمة و السيف كان
لمن بدأوا بمحاربة الرسل ، ولا نكاد نجد صفة واحدة مما أوردها ميكافيللي في شكل
نصائح قد إتصف بها سيدنا موسي أو آي نبي آخر .
· قال ميكافيللي أن الممالك التي يحكمها فرد يكون صعب إستعمارها إلا بالعدة
والعتاد و لكن إذا إستعمرت يكون سهل السيطرة عليها و ضرب مثلا لذلك ببلاد الترك بالطبع
كان يقصد عصر الإمبراطورية العثمانية ، و
أن البلاد التي يحكمها مجموعة من الأشراف أو النبلاء بالمشاركة مع الحاكم يكون سهل
إستعمارها بالتحالف مع أحد النبلاء ولكن إذا إستعمرت يكون صعب السيطرة عليها
والإنصياع للمستعمروضرب مثلا ببعض دول غرب أوربا .
وهذه الأشكال من الحكم إختلفت قليلا في عصرنا هذا حيث
إستبدل الأشراف بأصحاب المصالح و أحيانا بالمؤسسات وأحيانا قوى سياسية ، و مقاومة
هؤلاء لم تعد للمستعمر بمقدار ما أصبحت مقاومتهم للإصلاح و التغيير حيث يستفيدوا أكبر
إستفادة من الفساد وقد يتحالفوا مع نظام فاسد أو حتى مع العدو لا يهم ، فهم يلعبوا على كل الحبال ما دام ذلك يحقق
لهم مطامعهم ومصالحهم على حساب الشعوب ونجد يمثل هؤلاء في عصرنا الحالي الفسدة من
رجال الأعمال ، ويحضرني هنا كنموذج تاريخي لتلك النقطة هي لحاكم تآمر علي بلده مع
العدو وهو الخديو توفيق الذي تآمر مع الإنجليز لإحتلال مصر وذلك لقمع المعارضة التى كان يقودها في ذلك الوقت
أحمد عرابي .
· قال ميكافيللي أن إحتلال الشعوب يتم بالتمركز في المدن الكبري وبناء
المستعمرات بها و ذلك بقمع تلك الشعوب و إذلالها و الإستيلاء على الأملاك من الأراضي
من أصحابها و كذلك الأموال وبذلك يتم توفير النفقات بأكبر قدر ممكن والتمكن من
الإحتلال لتلك الدول .
طبعا هذا النصيحة بالتحديد نجد الغرب بصفة خاصة و الحكام
بصفة عامة قد جعلوها حقائق تمشي على الأرض و إستعمار أوربا لأفريقيا و آسيا
وأمريكا الجنوبية كان تطبيق عملي لهذه النصيحة بكل الممارسات الإستعمارية البشعة
التي مورست على تلك الشعوب والتي بدأتها أسبانيا و البرتغال ثم تسلمت الراية
إنجلترا و فرنسا و إيطاليا ثم سنجد بعد ذلك أمريكا وما فعلته بفيتنام و الناتو وما
فعله في أفغانستان و العراق وغيرهم وقد ضربت مثلا سابقا للبطش مع المعارضين من
الشعوب الأخرى كسجن أبو غريب و جوانتناموا وغير ذلك من الممارسات .
· قال ميكافيللي أن على الحاكم أن يسفك الدماء بكثرة مرة واحدة في بداية حكمه
وذلك أفضل من أن يكون سفكه للدماء على مراحل متقطعة وذلك حتى يأمنه شعبه .
هنا ميكافيللي لم يدعو لمحاكمات عادلة ولا حتى قصد بسفك
دماء الفسدة ولكنه كان يعني هنا بسفك الدماء لكل من يعارض الحاكم أو يعترض عليه و
المدهش أنه ذم أحد الحكام لأنه إشتهر بسفك الدماء بكثرة طوال مراحل حكمه فميكافيللي
ليس لديه مانع من سفك الدماء و البطش من آن لآخر بل يؤكد على ضرورة ذلك ولكن ليس
بكثرة ! ، وعلى آية حال فإن ميكافيللي كان يرسخ للحاكم سلطانه بكل الطرق غير
المشروعة قبل المشروعة .
· قال ميكافيللي أن على الحاكم التستر في رداء القيم و الدين ليصل إلى مآربه
لأن ذلك كفيل بخداع الشعوب وجلب تعاطفهم وعليه أن يحقق كل أهدافه في الخفاء عن
طريق الخداع و الكذب و المكر والوحشية .
هذه النصيحة أيضا ربما من أكثر النصائح التى آخذ بها
الحكام سواء في عصور سابقة أو عصور حالية ، ويحضرني هنا نموذج الرئيس عبد الناصر
الذي كان في ظاهره للناس يمثل قيم الإشتراكية و الدفاع عن الفقراء وغيرها و ربما
هو بالفعل قد حقق الكثير من هذه القيم التى نادى بها فعلا و لكنه في الخفاء كان
يملأ السجون بالمعارضين و يعذبهم بوحشية بالإضافة لممارسات جهاز المخابرات في عصره
من دعارة و شذوذ وأفعال شائنة ونعلم أن صفوت الشريف هو صنيعة هذا العصر و كذلك الممارسات
الديكتاتورية في حكم عبد الناصر ، وهناك الكثير و الكثير من الحكام الذين تستروا
وراء قيم أحيانا و أحيانا أخرى في ستار الدين بفتاوى فاسدة و رجال دين يفتوا
بالأهواء بعد أن يقبضوا الثمن ، ولكننا سنجد ميكافيللي قد خلط بين الحاكم الذي لديه بالفعل قيم ودين
يتمسك بهم و بين الحاكم الذي يتخذ منهم مظهر خادع يخفي به حقيقته الوضيعة و كان
يحبذ هذا النموذج الأخير .
· قال ميكافيللي مدعيا أن هدف السياسة هو المحافظة على قوة الدولة و توسيع
نفوذها بصرف النظر عن آي وازع ديني أو أخلاقي .
ونحن لدينا الكثير من نماذج لدول حديثا وقديما عملت بهذه
النصيحة ولكن بعض الحكام إستعملوها مع شعوبهم و البعض الآخر إستعملها مع الشعوب
الأخرى ، ولكننا وجدنا في الأغلب أن أكثر المستفيدين من هذا التوسع للدولة هي فئات
قليلة و ليس كافة شعوب هذه الدول، و سنجد
في الإمبراطورية العثمانية مثلا أن أكثر من يعود عليهم هذا العائد من التوسع هي
الأسرة الحاكمة و الأعوان والجيوش أما الشعب فلا يأخذ إلا القمع و الفتات غالبا، و
حديثا سنجد نموذج الولايات المتحدة الأمريكية و فيها نجد جنرالات الحرب السابقين و
الحاليين شركاء في شركات النفط في الدول التى تم إستعمارها في حين نجد الجنود
الذين ماتوا في تلك الحروب لا تتلقى أسرهم إلا القليل من المال في حين أنهم هم من
دفعوا أغلب التكلفة .
· قال ميكافيللي أنه لا مانع من أن يقوم الحاكم بإستغباء شعبه بأن يدلي
بتصريحات كاذبة تخالف الواقع لأن معظم الناس جهلاء و أغبياء و القليل منهم يفهمون
.
دعى ميكافيللي في هذه النصيحة بإستغفال الشعب بدلا من
الإرتقاء به و إستعباطه بدلا من توعيته والتغرير به بدلا من تعليمه وغفل هذا
المغفل أن الناس مهما تم إستغفالها و إستغلال جهلها فإنها تقوم بالتخزين و تتراكم
لديها خبرات الإستغفال هذه ثم تخرجها بأشكال مختلفة وتتأخذ من الحيل و الأساليب
المختلفة للرد على إستغفال الحاكم لها خاصة إذا كانت شعوب ضعيفة و سنجد على مدار
العصور سلاح النكت التى كانت تقال على الحكام فتكشف لهم فهم الشعب لخداعهم و هذا
مثال من أمثلة عديدة ، وكذلك فن الكاريكاتيرالسياسي في عصرنا الحالي وهو أحد وسائل
فضح الأكاذيب .
· قال ميكافيللي محذرا الحاكم من خطورة الإلتزام بالعدل و الحق و الخير و أن على
الحاكم لكي يحتفظ بولايته أن يقترف بعض الشرور .
نجده هنا ميكافيللي يكشف عن وجهه الإبليسي البغيض فقد
حذر الحاكم من أفضل الصفات التى قد يتصف بها البشر و هي صفات ضرورية للحاكم الحكيم
المنصف بل الأكثر من ذلك أنه حرض الحاكم على إرتكاب الآثام و الشرور ، و هذه
النقطة تكشف لنا الشخصية الغير سوية لميكافيللي و كنت أتمنى أن ينفذ الأمير الذي
نفاه عليه هذه النصيحة بالتحديد لنرى وقتها ماذا كان سيكون موقفه !! ولو أن كل
حاكم تخيل للحظة واحدة أنه في مكان شعبه و أنه هو من ستطبق عليه نصائح ميكافيللي لكان
ضرب بها عرض الحائط و لكن بطش ربك أكبر و أشد و هؤلاء نسوا الله فنسيهم .
· قال ميكافيللي أن على الحاكم أن يظهر أمام شعبه أنه قادر على حل المشاكل
حتى لو تطلب منه ذلك إفتعال بعض المشكلات لتؤرق شعبه ثم حلها فيما بعد ليظهر بمظهر الحاكم القوي.
نرى في هذه النصيحة المدمرة قمة اللؤم و الخبث و العياذ
بالله و هذا التدبير الشيطاني الذي خطط له ميكافيللي للحاكم و لا يخفي على أحد أن
هذه النصيحة العفنة هي من ممارسات الكثير من الحكام و بخاصة في دول العالم الثالث
حيث بالفعل يتم إفتعال مشكلة كمشكلة رغيف العيش أو الغاز أو البنزين أو غلاء
الأسعار من قبل الحاكم نفسه و حكومته لشغل الناس بهذه الضروريات من لقمة العيش
وخلافه عن أمور السياسة وبذلك يشغل الشعب بنفسه فيستريح الحاكم و ينهب براحته دون
محاسبة ثم نجده قد يحل أحد هذه المشاكل بشكل وقتي ثم تعود من جديد و هكذا.
· قال ميكافيللي أن على الحاكم وضع
بذور الفتنة و الوقيعة بين الطوائف المختلفة من شعبه ثم القضاء على هذه الطوائف أو
رؤوسها ليبدو أنه نزع فتيل الفتنة و خلص الناس من شرورهم .
ورغم أن العديد من الحكام يستعملوا هذه النصيحة إلا أن
أغلب من يستعملها هو العدو الخارجي بمنطق فرق تسد حيث يبدأ في إشعال الفتن من
الخارج بين الطوائف المختلفة ليضعف بعضها بعض ثم ينقض في الوقت المناسب لإفتراس
الجميع وغالبا ما تكون له أعوان وعيون في كل تلك الطوائف ليتمكن من ضرب بعضها ببعض
لتحقيق مصالحه الخاصة و أهدافه .
· وأخيرا نجد أن فكر ميكافيللي المنحرف كان وبال على الإنسانية وعلى الشعوب
حيث رسم وخطط لمعاناة البشر و إذلالهم و البطش بهم و تحطيمهم لمصلحة فرد واحد ،
رسم ميكافيللي خارطة طريق لفساد الحكام و إنحرافهم و تجبرهم ونسي وسط كل هذا
الخالق ثم الأديان و الأخلاق و المبادئ التى حارب من أجلها بشر كثر في عصور مختلفة
، هذا الميكافيللي نسي وجود الله هو ومن إتبعوا فكره الشيطاني المأفون ، الغريب أن
كتاب ميكافيللي يدرس في كليات السياسة في شتى أنحاء العالم و هو ملهم لأغلب العلوم
السياسيىة في عصرنا الحالي و كما قلت سابقا لا يوجد آي نظام سياسي إلا و إحتال
لتطبيق أفكار ميكافيللي و لكنهم ألبسوا هذه الأفكار أغطية مختلفة و كما وصف
ميكافيللي أحد الكتاب العرب بأنه سمى الأسماء بغير أسمائها فاللؤم صار دهاء و
المطالب بحقه متعدي و صاحب الأرض ذليل مقموع وغير ذلك من المفاهيم المغلوطة
والمراوغة والتحايل على الحقوق .
والسلام على من اتبع الهدى
( أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا سَاء مَا يَحْكُمُونَ ) صدق الله العظيم سورة العنكبوت
بسم الله الرحمن الرحيم
إستكمالا لنقد كتاب الأمير لميكافيللي وعرض أفكار ميكافيللي ثم الرد عليها .
في البداية أردت أن أوضح أن ممارسات البطش للحاكم على شعبه عديدة و كثيرة ومعروفة خاصة في الدول الإستبدادية و لكن البطش بالمعارضين من الشعوب الأخرى ذلك هو الوسيلة التي تنتهجها الدول الديمقراطية في عصرنا الحالي و إن كنت على علم بنماذج تم البطش بها من شعوب هذه الدول نفسها والتي تدعي الديمقراطية و ذلك في السنوات الأخيرة و لم يعد الأمر قاصرا على الشعوب الأخرى .
• قال ميكافيللي أن الحاكم الداهية لا يلتزم بعهد أو وعد تعهد به إن كان ضد مصلحته الشخصية وذلك عندما يزول السبب الذي دعاه لقطع هذا العهد على نفسه .
يبدو من هذه الفكرة أن ميكافيللي يدعو الحاكم لأن يكون خسيس غادر لا يفي بالوعود والعهود ، ونلاحظ أن الكثير من الحكام في زمننا هذا يستعملون هذه الفكرة وهذه الخصلة من النفاق مع شعوبهم وتمديد أمال الشعوب مدد طويلة دون وفاء من الحاكم حتى يدب اليأس في نفوس الناس و تخمد ثورتهم و يقل عزمهم ، و حكام آخرون يستعملوها مع الشعوب الأخري وسنجد هنا إسرائيل كمثال كم عقدت من معاهدات و إتفاقيات مع العرب و فلسطين ،و كذلك العديد من الدول سواء في عصور سابقة أو في عصرنا الحالي كم نقضت من عهود و مواثيقٍ .
• قال ميكافيللي أن سيدنا موسي عليه السلام و قورش و...كانوا قادة عظام و إدعي كذبا أن الأنبياء و الرسل إستعملوا القوة في نشر دعوتهم الدينية لمن لم يستجيب باللين فالشدة حاضرة .
العجيب في هذه النقطة أن ميكافيللي إستشهد بالأنبياء و بصفة خاصة سيدنا موسي عليه السلام كقائد عظيم رغم أن سيدنا موسي كان نقيض لكل هذه الصفات السابقة و التالية و التى نصح ميكافيللي الحاكم القوي أن يتصف بها ، فسيدنا موسي كان كغيره من الأنبياء لا يبطش إلا بالظالم ويفي بالعهود و يسمع النقد و النصح بل إن قوم سيدنا موسي آذوه بما لم يكن فيه ثم برأه الله مما قالوا ، كما أن قصة سيدنا موسي معروفة فهو لم ينشر دعوته بالسيف أبدا كما إدعي ميكافيللي بل بالحكمة و الموعظة حتى مع فرعون و إنما كان السيف للدفاع عن نفسه و قومه ضد من عادوه وذلك كغيره أيضا من الأنبياء الذين كان لديهم سلاح الكلمة و الحق و الحكمة و السيف كان لمن بدأوا بمحاربة الرسل و أعاقوا نشر الرسالة السماوية ، ولا نكاد نجد صفة واحدة مما أوردها ميكافيللي في شكل نصائح قد إتصف بها سيدنا موسي أو آي نبي آخر .
• قال ميكافيللي أن الممالك التي يحكمها فرد يكون صعب إستعمارها إلا بالعدة والعتاد و لكن إذا إستعمرت يكون سهل السيطرة عليها و ضرب مثلا لذلك ببلاد الترك بالطبع كان يقصد عصر الإمبراطورية العثمانية ، و أن البلاد التي يحكمها مجموعة من الأشراف أو النبلاء بالمشاركة مع الحاكم يكون سهل إستعمارها بالتحالف مع أحد النبلاء ولكن إذا إستعمرت يكون صعب السيطرة عليها والإنصياع للمستعمروضرب مثلا ببعض دول غرب أوربا .
وهذه الأشكال من الحكم إختلفت قليلا في عصرنا هذا حيث إستبدل الأشراف بأصحاب المصالح و أحيانا بالمؤسسات وأحيانا قوى سياسية ، و مقاومة هؤلاء لم تعد للمستعمر بمقدار ما أصبحت مقاومتهم للإصلاح و التغيير حيث يستفيدوا أكبر إستفادة من الفساد وقد يتحالفوا مع نظام فاسد أو حتى مع العدو لا يهم ، فهم يلعبوا على كل الحبال ما دام ذلك يحقق لهم مطامعهم ومصالحهم على حساب الشعوب ونجد من يمثل هؤلاء في عصرنا الحالي الفسدة من رجال الأعمال ، ويحضرني هنا كنموذج تاريخي لتلك النقطة هي لحاكم تآمر علي بلده مع العدو وهو الخديو توفيق الذي تآمر مع الإنجليز لإحتلال مصر وذلك لقمع المعارضة التى كان يقودها في ذلك الوقت أحمد عرابي .
• قال ميكافيللي أن إحتلال الشعوب يتم بالتمركز في المدن الكبري وبناء المستعمرات بها و ذلك بقمع تلك الشعوب و إذلالها و الإستيلاء على الأملاك من الأراضي من أصحابها و كذلك الأموال وبذلك يتم توفير النفقات بأكبر قدر ممكن والتمكن من إحتلال تلك الدول .
طبعا هذا النصيحة بالتحديد نجد الغرب بصفة خاصة و الحكام بصفة عامة قد جعلوها حقائق تمشي على الأرض و إستعمار أوربا لأفريقيا و آسيا وأمريكا الجنوبية كان تطبيق عملي لهذه النصيحة بكل الممارسات الإستعمارية البشعة التي مورست على تلك الشعوب والتي بدأتها أسبانيا و البرتغال ثم تسلمت الراية إنجلترا و فرنسا و إيطاليا ثم سنجد بعد ذلك أمريكا وما فعلته بفيتنام و الناتو وما فعله في أفغانستان و العراق وغيرهم وقد ضربت مثلا سابقا للبطش مع المعارضين من الشعوب الأخرى كسجن أبو غريب و جوانتناموا وغير ذلك من الممارسات القمعية لإخراس الأصوات العالية .
• قال ميكافيللي أن على الحاكم أن يسفك الدماء بكثرة مرة واحدة في بداية حكمه وذلك أفضل من أن يكون سفكه للدماء على مراحل متقطعة وذلك حتى يأمنه شعبه .
هنا ميكافيللي لم يدعو لمحاكمات عادلة ولا حتى قصد بسفك الدماء دماء الفسدة ولكنه كان يعني هنا بسفك الدماء لكل من يعارض الحاكم أو يعترض عليه و المدهش أنه ذم أحد الحكام لأنه إشتهر بسفك الدماء بكثرة طوال مراحل حكمه فميكافيللي ليس لديه مانع من سفك الدماء و البطش من آن لآخر بل يؤكد على ضرورة ذلك ولكن ليس بكثرة ! ، وعلى آية حال فإن ميكافيللي كان يرسخ للحاكم سلطانه بكل الطرق غير المشروعة قبل المشروعة .
• قال ميكافيللي أن على الحاكم التستر في رداء القيم و الدين ليصل إلى مآربه لأن ذلك كفيل بخداع الشعوب وجلب تعاطفهم وعليه أن يحقق كل أهدافه في الخفاء عن طريق الخداع و الكذب و المكر والوحشية .
هذه النصيحة أيضا ربما من أكثر النصائح التى آخذ بها الحكام سواء في عصور سابقة أو عصور حالية ، ويحضرني هنا نموذج الرئيس عبد الناصر الذي كان في ظاهره للناس يمثل قيم الإشتراكية و الدفاع عن الفقراء وغيرها من الشعارات و ربما هو بالفعل قد حقق الكثير من هذه القيم التى نادى بها فعلا و لكنه في الخفاء كان يملأ السجون بالمعارضين و يعذبهم بوحشية بالإضافة لممارسات جهاز المخابرات في عصره من دعارة و شذوذ وأفعال شائنة ونعلم أن صفوت الشريف هو صنيعة هذا العصر و كذلك الممارسات الديكتاتورية في حكم عبد الناصر و للأسف إن آثار هذه الممارسات الخفية مازال تلاميذها متواجدون في عصرنا هذا ، وهناك الكثير و الكثير من الحكام الذين تستروا وراء قيم أحيانا و أحيانا أخرى في ستار الدين بفتاوى فاسدة و رجال دين يفتوا بالأهواء بعد أن يقبضوا الثمن ، ولكننا سنجد ميكافيللي قد خلط بين الحاكم الذي لديه بالفعل قيم ودين يتمسك بهم و بين الحاكم الذي يتخذ منهم مظهر خادع يخفي به حقيقته الوضيعة و كان يحبذ هذا النموذج الأخير .
• قال ميكافيللي مدعيا أن هدف السياسة هو المحافظة على قوة الدولة و توسيع نفوذها بصرف النظر عن آي وازع ديني أو أخلاقي .
ونحن لدينا الكثير من نماذج لدول حديثا وقديما عملت بهذه النصيحة ولكن بعض الحكام إستعملوها مع شعوبهم و البعض الآخر إستعملها مع الشعوب الأخرى ، ولكننا وجدنا في الأغلب أن أكثر المستفيدين من هذا التوسع للدولة هي فئات قليلة و ليس كافة شعوب هذه الدول، و سنجد في الإمبراطورية العثمانية مثلا أن أكثر من يعود عليهم هذا العائد من التوسع هي الأسرة الحاكمة و الأعوان والجيوش أما الشعب فلا يأخذ إلا القمع و الفتات غالبا، و حديثا سنجد نموذج الولايات المتحدة الأمريكية و فيها نجد جنرالات الحرب السابقين و الحاليين شركاء في شركات النفط في الدول التى تم إستعمارها في حين نجد الجنود الذين ماتوا في تلك الحروب لا تتلقى أسرهم إلا القليل من المال في حين أنهم هم من دفعوا أغلب التكلفة .
• قال ميكافيللي أنه لا مانع من أن يقوم الحاكم بإستغباء شعبه بأن يدلي بتصريحات كاذبة تخالف الواقع لأن معظم الناس جهلاء و أغبياء و القليل منهم يفهمون .
دعى ميكافيللي في هذه النصيحة بإستغفال الشعب بدلا من الإرتقاء به و إستعباطه بدلا من توعيته والتغرير به بدلا من تعليمه وغفل هذا المغفل أن الناس مهما تم إستغفالها و إستغلال جهلها فإنها تقوم بالتخزين و تتراكم لديها خبرات الإستغفال هذه ثم تخرجها بأشكال مختلفة وتتأخذ من الحيل و الأساليب المختلفة للرد على إستغفال الحاكم لها خاصة إذا كانت شعوب ضعيفة و سنجد على مدار العصور سلاح النكت التى كانت تقال على الحكام فتكشف لهم فهم الشعب لخداعهم و هذا مثال من أمثلة عديدة ، وكذلك فن الكاريكاتيرالسياسي في عصرنا الحالي وهو أحد وسائل فضح الأكاذيب و إن كانت هذه الأساليب غالبا ما تكون سلاح الضعفاء لا الأقوياء من الشعوب .
• قال ميكافيللي محذرا الحاكم من خطورة الإلتزام بالعدل و الحق و الخير و أن على الحاكم لكي يحتفظ بولايته أن يقترف بعض الشرور .
هنا ميكافيللي يكشف عن وجهه الإبليسي البغيض فقد حذر الحاكم من أفضل الصفات التى قد يتصف بها البشر و هي صفات ضرورية للحاكم الحكيم المنصف بل الأكثر من ذلك أنه حرض الحاكم على إرتكاب الآثام و الشرور ، و هذه النقطة تكشف لنا الشخصية الغير سوية لميكافيللي و كنت أتمنى أن ينفذ الأمير الذي نفاه عليه هذه النصيحة بالتحديد لنرى وقتها ماذا كان سيكون موقفه !! ولو أن كل حاكم تخيل للحظة واحدة أنه في مكان شعبه و أنه هو من ستطبق عليه نصائح ميكافيللي لكان ضرب بها عرض الحائط و لكن بطش ربك أكبر و أشد و هؤلاء نسوا الله فنسيهم .
• قال ميكافيللي أن على الحاكم أن يظهر أمام شعبه أنه قادر على حل المشاكل حتى لو تطلب منه ذلك إفتعال بعض المشكلات لتؤرق شعبه ثم حلها فيما بعد ليظهر بمظهر الحاكم القوي.
نرى في هذه النصيحة المدمرة قمة اللؤم و الخبث و العياذ بالله و هذا التدبير الشيطاني الذي خطط له ميكافيللي للحاكم و لا يخفي على أحد أن هذه النصيحة العفنة هي من ممارسات الكثير من الحكام و بخاصة في دول العالم الثالث حيث بالفعل يتم إفتعال مشكلة كمشكلة رغيف العيش أو الغاز أو البنزين أو غلاء الأسعار من قبل الحاكم نفسه و حكومته لشغل الناس بهذه الضروريات من لقمة العيش وخلافه عن أمور السياسة وبذلك ينشغل الشعب بنفسه فيستريح الحاكم و ينهب براحته دون محاسبة ثم نجده قد يحل أحد هذه المشاكل بشكل وقتي ثم تعود من جديد و هكذا ويعتقد هؤلاء الحكام أن الشعب لو أفاق من هذه المشاكل اليومية فإنه وقتها سيجد الوقت و العقل لتتبع الحاكم ومحاسبته و في هذا خطورة عليهم .
• قال ميكافيللي أن على الحاكم وضع بذور الفتنة و الوقيعة بين الطوائف المختلفة من شعبه ثم القضاء على هذه الطوائف أو رؤوسها ليبدو أنه نزع فتيل الفتنة و خلص الناس من شرورهم .
ورغم أن العديد من الحكام يستعملوا هذه النصيحة إلا أن أغلب من يستعملها هو العدو الخارجي بمنطق فرق تسد حيث يبدأ في إشعال الفتن من الخارج بين الطوائف المختلفة ليضعف بعضها بعض ثم ينقض في الوقت المناسب لإفتراس الجميع وغالبا ما تكون له أعوان وعيون في كل تلك الطوائف ليتمكن من ضرب بعضها ببعض لتحقيق مصالحه الخاصة و أهدافه .
•* وأخيرا نجد أن فكر ميكافيللي المنحرف كان وبال على الإنسانية وعلى الشعوب حيث رسم وخطط لمعاناة البشر و إذلالهم و البطش بهم و تحطيمهم لمصلحة فرد واحد ، رسم ميكافيللي خارطة طريق لفساد الحكام و إنحرافهم و تجبرهم ونسي وسط كل هذا الأديان و الأخلاق و المبادئ التى حارب من أجلها بشر كثر في عصور مختلفة .
وسنجد أن هناك من الحكام من نفذ فكر ميكافيللي بغباء و بالمسطرة وهؤلاء سقطوا سريعا مثل هتلر و موسيليني و من الحكام من نفذ فكر ميكافللي بحرفية و لؤم و بشكل خفي و بطرق ملتوية وهؤلاء هم الأكثر فهما لفكر ميكافيللي المنحرف حيث استمروا لفترات أطول .
هذا الميكافيللي نسي وجود الله هو ومن إتبعوا فكره الشيطاني المأفون ، الغريب أن كتاب ميكافيللي يدرس في كليات العلوم السياسة في شتى أنحاء العالم و هو ملهم لأغلب العلوم السياسية في عصرنا الحالي و كما قلت سابقا لا يوجد آي نظام سياسي إلا و إحتال لتطبيق أفكار ميكافيللي و لكنهم ألبسوا هذه الأفكار أغطية مختلفة و كما وصف ميكافيللي أحد الكتاب العرب بأنه سمى الأسماء بغير أسمائها فاللؤم صار دهاء و المطالب بحقه متعدي و صاحب الأرض ذليل مقموع وغير ذلك من المفاهيم المغلوطة والمراوغة والتحايل على الحقوق .
و السلام على من إتبع الهدى
ِ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق