بسم الله الرحمن الرحيم
(20)
التصوف :-
كتبت من قبل عن موضوع التصوف و الصوفية و لكني أردت الكتابة عن الموضوع مرة
أخرى والتفصيل في هذا الأمر .
في البداية لاحظت أن بعض المحسوبين على النخب و رجال الأعمال كثيري الحديث
عن مزايا الصوفية و أنهم تربوا عليها ولأن بعض ما كتب في التصوف يسقط الكثير من
الإلتزامات الدينية فقد وجد هؤلاء فيه غايتهم التى لا تلزمهم بما يلزمه صحيح الدين
فوجدوا فيه مخرج لهم لا يقيدهم بعبادات وفرائض .
رحم الله سيدنا أبو ذر الغفاري رضي الله عنه فحينما أرادوا أن يلبسوا
الإشتراكية للإسلام فلم يجدوا إلا سيدنا أبو ذر ليغلفوا بعض مواقفه في مطالبته
بعدالة التوزيع من سيدنا عثمان رضي الله عنهما فنسبوا له مفهوم العدالة الإجتماعية
الذي ليس له علاقة بالإسلام فقد كان من الصحابة من هو فاحش الثراء من مصدر رزق
حلال كسيدنا عبد الرحمن بن عوف ومنهم من كان فقيرا كعبد الله بن مسعود و قد نظم
الإسلام التكافل بين المسلمين بفرض الزكاة ووجوب الصدقات وتقسيم الغنائم و الفيئ
وفقا لما حدده القرآن الكريم كما أوجب الإسلام عدم بخس العامل حقه وعدم الغش في
البضاعة و عدم الإحتكارو غيرها من الضمانات التى تمنع نشر الفساد وتحقيق العدالة
بمفهومها الأوسع و الأشمل .
وقد كانت مطالبة سيدنا أبو ذربعدالة التوزيع من بيت مال المسلمين وذلك ليس
على الإطلاق ولكن وفقا لما كان يقوم به عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الأسبقية في
الدخول في الإسلام و المشاركة في الحروب الأولى و الكبرى في الإسلام والهجرة و هذا
مخالف لمفهوم العدالة الإجتماعية القاصر عن مفهوم العدالة المطلق في الإسلام .
نعود مرة أخرى لمسألة التصوف حيث أيضا أرادوا أن ينسبوا التصوف للإسلام فلم
يجدوا سوى سيدنا أبو ذر الغفاري لينسبوا له التصوف رغم أن هذا اللفظ لم يكن موجود
أصلا و لا يمت للإسلام بصلة في عصر الصحابة وقد غفلوا أن رب العزة أخبرنا أنه لا
تحرم زينة الله التى أخرج لعباده في الأرض وذلك في آيات في كتاب الله .
ولكي نفهم أصل التصوف فيجب أن نعرف أنه سمي التصوف لأن من إبتدعوا هذا
الأمر كان يتقشفوا و يرتدوا الصوف ، و كان الفكر التصوفي يقوم على الزهد في
الشهوات الحلال منها والحرام ، إذن يقوم التصوف بالدرجة الأولى على الزهد في كل
المناصب والمال والجاه والسلطة و إرتداء الخشن من الثياب للتقرب لله و هذا ما لا
نجده الأن ممن يدعون التصوف .
وإذا نظرنا في الإسلام سنجده لم يحرم الشهوات والملذات ما دامت في الحلال
ومن الحلال و نذكر قصة الثلاث شباب في عصر الرسول حينما قال أحدهم أصوم الدهر وقال
الآخر لاأتزوج النساء و قال الثالث أقوم الليل كله فوصل أمرهم لرسول الله صلى الله
عليه وسلم فقال لهم أنا أخشاكم لله و أصوم و أفطر و أتزوج النساء و أقوم و أرقد
فمن رغب عن سنتي فليس مني .
و لا يقتصر الأمر وخطورة التصوف على ذلك ولكن للأسف هناك ما نادي به الفكر
التصوفي مما هو مخالف للإسلام بل هو طريق للشرك بالله والعياذ بالله ومن ذلك أنه
قد رسخ في الفكر التصوفي أنه لكي يكون للشخص صلة بالله فلابد من وسيط بينه وبين
الله وهو شيخ الطريقة الذي لابد أن يتتلمذ على يده الراغب في التصوف و التقرب وهذا
عكس ما أتى به كتاب الله من النهي عن إتخاذ أولياء من دون الله .
أيضا ينادي الفكر التصوفي بأن هناك أولياء لله وهم أناس صالحون يتقرب بهم
لله من قبل من يتبعوا هذا الفكر ويعتقدوا فيه ، ومن ناحية أن هناك أولياء لله فهذا
صحيح ولكن أن نحدد ونخصص هؤلاء بالإسم فهذا شرك أولا لأننا لم ندخل في علم الله و
ثانيا أننا لا نضمن ثبات هذا الشخص على الحق وآلا يتعرض لفتنة تحيد به عن طريق
الهدى هذا إذا كان حقا وليا ونذكر هنا قول سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه
حينما قال لو أن لي قدم في الجنة و الأخرى خارجها ما أأمن مكر الله ، وهذا يعني أن
من علامات إيمان الشخص أن يشكك دائما في إيمان نفسه لا أن يدعي أنه وسيط لله ! كما
أن التقرب لله بالدعوة بشخص حي أو ميت هو شرك بالله وقد حرم الإسلام بنص صريح في
القرآن الكريم بناء الأنصاب التى يسمونها الآن الأضرحة ويداومواعلى زيارتها
والتمسح بها .
نجد أيضا أن الفكر التصوفي دائما ما يستقطب الفقراء الجهلاء البسطاء حيث
يسهل التأثير عليهم بخرافات الفكر التصوفي ومنها كما قلنا سابقا زيارة الأضرحة والتمسح
بها والتحدث والتوسل للموتى وإدعاء إحداث المعجزات و غير ذلك من مظاهر الجهل
كالزار و الموالد وما إلى ذلك ولكننا نجد أيضا أن الفكر التصوفي يستقطب فئة أخرى
وهي فئة متعلمة للأسف ولكن ثقافتها الدينية محدودة وتجد هذه الفئة ملاذ في التصوف
للبعد عن إلتزامات الدين .
ولاننكر هنا المعجزات التى قد يصنعها الله سبحانه وتعالى على يد بعض عباده
أما فتنة و إمتحان لعباده وذلك كمعجزات المسيخ الدجال أو أن تكون هذه المعجزات
نعمة وفضل من رب العالمين وتلك كمعجزات سيدنا عيسى عليه السلام وباقي الأنبياء
والصالحين ويجب أن نتذكر أن كل المعجزات من صنع الله وحده .
وقد وصل الإنحراف في بعض الفكر المتصوف أن أسقط بعضهم الصلاة والصيام وباقي
الفرائض عمن إعتقدوا أنه وصل لدرجة القرب من الله وإدعوا أن العبادات هي طريقة
للقرب من الله وما داموا قد تقربوا فقد سقطت عنهم الفرائض وهذا فكر شيطاني والعياذ
بالله بل وصل بعضهم لأن إدعى أن بعض هؤلاء الذين يدعون لهم الولاية لله هم أعلى
درجة من الأنبياء وهذا كله فكر منحرف لأن أنبياء الله هم صفوة البشر ومن بعدهم
الصحابة .
أعلم أن البعض قد كتب وقال أن التجار الذين فتحوا وسط أفريقيا وشرق آسيا
كانوا من المتصوفة و أشك في ذلك كثيرا حيث أنهم كانوا يمتهنون مهنة التجارة وحدها
والتربح منها بالحلال بالطبع وهذا منافي لفكر التصوف القائم على الزهد والتقشف وقد
أشتهر عن هؤلاء التجار حسن المعاملة وعدم الغش وأخلاقياتهم العالية التى تمثل
الإسلام مما جعل الناس تدخل في الإسلام بأعداد كبيرة في هذه البلاد حتى إنتشر فيها
وصار الدين الأساسي لبعض هذه البلدان .
ولكن وفي نهاية هذا الحديث فإن كل
ما أتى في التصوف من أشياء حسنة مثل الذكر والزهد فيما حرم الله وما يغضب الله هو
من الإسلام ولا داعي لتسميته بالتصوف بصفة خاصة وكل ما جاء في الفكر التصوفي مخالف
لكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهدي صحابته هو ليس من الإسلام وهو
إنحراف عن منهج الإسلام والله تعالى أعلى و أعلم .
والسلام على من
إتبع الهدى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق